ملخص كتاب مهزلة العقل البشري علي الوردي تم نشره أول مرة في عام 1959، ويتكون من 302 صفحة، وتمت كتابة الكتاب على فترات وكانت كتابته رداً على كتابه السابق “وعاظ السلاطين” وهو يشبه المواضيع التي توجد في كتاب “مهزلة العقل البشري”، حيث وجد أن آراء الناس بين مؤيد ومعارض لما جاء في الكتاب، لذلك جمع الوردي بعض الأفكار التي ذكرها في فصول الكتاب.
وأوضح الكاتب أنه توجد بعض الكتب التي تعمل على نفي وتثبيت أحقية الإمامة بين الخلفاء الراشدين والصراع الذي حدث للحصول على الخلافة بعد وفاة “النبي عليه الصلاة والسلام”، كما يوضح الكاتب سبب تسمية هذا الكتاب بهذا الاسم وينهي حديثه حول المؤرخين القدماء الذين يركزون على وجهة نظر الحاكم ويهملون المحكومة.
ملخص كتاب مهزلة العقل البشري علي الوردي
يتكون الكتاب من 12 فصلاً في بعض القضايا المتفرقة رداً على منتقدي كتاب “وعاظ السلاطين” وتتمثل فصول الكتاب في الآتي:
طبيعة المدنية
يوضح الكاتب في هذا الفصل الفكر الأفلاطوني الذي يعمل على بناء المجتمع المتعاون دون قلق أو نزاع، كما يعتقد القدماء أن الاتفاق والتعاون هام جداً لبناء المجتمع لكنه يمنع التكيف والتطور، وأن التماسك الاجتماعي هو من أسباب الركود وأن الصراع والنزاع من أسباب تطور المجتمعات، وأنه لا يمكن الفصل بين مساوئ ومحاسن الحياة المدنية، وأن العامل البدائي يتوقف عند الحصول على الأجر عكس العامل المدني تمامًا رغم اكتفائه.
منطق المتعصبين
يؤكد الكاتب في هذا الفصل أن البشر ضحايا لعقولهم ولا يستطيعون التفكير خارج هذا النطاق والهروب منه، وأن الصراع بين العلم القديم والحديث دائمًا محسوم للعلم الحديث، وأن الناس يوجد منها نوعان المُقيد اجتماعيًا وهو الذي يركز من وجهة واحدة من الحقيقة، والثاني هو المتحرر اجتماعيًا وهو الذي يفكر بحرية ويقترب للحقيقة الوسطى.
علي بن أبي طالب
يوضح الكاتب سر تعلق الشيعة بأفكار علي بن أبي طالب، وهو يرى أن أصول الخلاف السني الشيعي يعتبر خلافًا مغلوطًا من الأساس، وأن كل شخص يأتي بالحجج التي تدعم رأيه لكي يتحرى من وجهة نظره وهي حجج تقنعه لكن لا تقنع غيره، وإن دراسة الأفضلية بين علي أو أبي طالب هو أمر لا يمكن المقارنة فيه حتى عند الوصول للحقيقة، وأن من قتل علي عندما أصابه قال: “فزت ورب الكعبة”.
عيب المدينة الفاضلة
يبين الوردي لماذا لا يمكن أن تقوم مدينة فاضلة مثل التي صورها أفلاطون، وأن المدينة الفاضلة عند “الفارابي” هي أمر مستحيل لاستحالة شروطه، “وأن أردت أن تُطاع فأمر بما يستطاع”، وأن الناس إذا اتحدوا زاد عليهم الظلم، وأن الخلاف الحقيقي هو سبب محاربة الظلم، وقال “الأعرابي”: “أعرف جميع ما في هذه الكتب كل كتب القدماء تقول أيها الإنسان كن خيراً”.
أنواع التنازع وأسبابه
يوضح الوردي قيمة التنازع وفوائده في المجتمع، وأن أبسط أنواع التنازع هي:
- الحرب واغتصاب العفاف.
- الاحتيال والغش.
- المنافسة والمحاكمات، والغزل والحملات الانتخابية.
- المنافسة العلمية والاقتصادية دون حقد أو ضغينة.
- الحماسة والمنافسة الرياضية في قصة أو فيلم وهو نزاع مصطنع للترفيه.
القوقعة البشرية
يوضح الكاتب أن العقل البشري لا يستطيع الخروج من القوقعة التي تحتويه، وأن الشخص يرى نفسه هو الذي يستحق الأحقية أكثر من غيره مثلاً: في مملكة النحل لا تشك الملكة أنه يوجد أحد العاملات من النحل تريد أن تأخذ مكانها، لذلك لا يتطور مجتمع النحل لكن المجتمع البشري يتطور بسبب الغريزة والتدافع لحب الظهور والمكانة.
التنازع أو التعاون
يوضح الكاتب في هذا الفصل أهمية التنازع والتعاون وأثرهم على المجتمع، وأن الإنسان وحشي بالطبع، لكنه مدني بالتتبع وذكر “ابن خلدون” أن المجتمع العالمي الذي في خيال الإنسان هو مستحيل الوجود، وأكد أن التنازع هو طبيعة البشر.
مهزلة العقل البشري
يبين الوردي أن العقل قد يخدعنا ويجعلنا نعتقد أن الذي نريده هو الحقيقة، وذكر أن في كتاب “ابن طفيل حي بن يقظان” يهدف إلى تفسير الطبيعة البشرية، وأنه يوجد رجل ترعرع في جزيرة وأرضعته ضبية حتى نضج وكبر، ثم استخدم عقله للوصول إلى الحقائق الكونية ووصل إلى استنتاجات وصل إليها فلاسفة كبار واستنتج أن العقل البشري يمكن أن يوصلنا للحقيقة دون تدريس.
ما هي السفسطة
يوضح الوردي مبدأ السفسطة الذي حطمه أفلاطون لكي يكشف قيمته ودوره في المجتمع، ويؤكد على أن السفسطة هي غير منافقة، واختلفت المدارس حول هذا، وكل مدرسة تزعم أنها العقلانية والصحيحة والأقرب للعقول وأن الفلاسفة يعتقدون أن العدل يتم تحقيقه بالتفكير العقلاني.
الديمقراطية في الإسلام
يبين الكاتب أن الدولة الإسلامية في عهد الخلافة كان نظامها نظامًا ديمقراطيًا حقيقيًا، وكان هارون الرشيد يقبل القرآن، وكان يشتري الجواري بأموال المسلمين، وبدأ الإسلام نظامًا عادلاً.
علي وعمر
يوضح الكاتب الاختلاف بين الصراع السني الشيعي باعتباره صراع سياسي وليس ديني، كما وضح سبب الخصومة بين عمر وعلي بعد موتهما.
التاريخ والتدافع الاجتماعي
يوضح الكاتب أثر التدافع الاجتماعي في كتب التاريخ وضعف المؤرخين في رؤيته واكتفائه بالتأريخ لبعض الأحداث العسكرية.
اقتباسات من كتاب مهزلة العقل البشري
من أبرز الاقتباسات التي تم ذكرها في الكتاب هي:
- “الإنسان الذي يعيش في مجتمع متحرك لا يستطيع أن يحصل على الطمأنينة وراحة البال التي يحصل عليها الإنسان في المجتمع الراكد، إنه يجابه في كل يوم مشكلة ولا يكاد ينتهي منها حتى تباغته مشكلة أخرى، وهو في دأب متواصل لا يستريح إلا عند الموت”.
- “يقول الإمام علي-رضي الله عنه- لا تعلموا أبناءكم على عاداتكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم”.
- “يبكي أحدهم على الحسين في مجلس التعزية، ثم لا يبالي بعد ذلك أن يسير في الناس سيرة يزيد”.
- “إن من العقل أن تكون مجنونًا أحيانًا”.
- “الحقيقة بنت البحث والمناقشة”.
- ” الله أعدل من أن يختار لنفسه فريقًا من الناس دون فريق”.
- “الإنسان مجبول أن ينسى مساوئه ويتذكر محاسنه تذكرًا لا يخلو من مبالغة”.
الآراء النقدية حول كتاب مهزلة العقل البشري
اختلفت الآراء بين النقاد حول هذا الكتاب، ومن هذه الآراء الآتي:
“منتصر أمين” يقول: أن الكتاب عبارة عن بعض المقالات حول فهم الطبيعة البشرية والاجتماعية، وتحليلاً لأحداث التاريخ الإسلامي عن طريق المنطق الاجتماعي، وأن عنوان الكتاب يكشف عن محتواه، وأن الكتاب يعمل على تصحيح الأفكار وإعادة النظر في بعض المواضيع المشوقة، كما يظهر الناقد نظرته الإيجابية في الكتاب وانتقائه للمواضيع التي تم طرحها في الكتاب وهي من المواضيع الهامة.
“علي ماضي” يقول: هذا الكتاب يعمل على توضيح الفرق بين المنطق القديم والمنطق الحديث، وتباين الأسس بينهما، كما أنه يحاول أن يهيئ القارئ لأهمية الأحداث التاريخية القديمة الهامة التي لها أثر كبير في المجتمع، وتعاني منه بوجه عام الشخصيات العربية والعراقية بالخصوص.
“الدكتور عبد الودود النازيلي” يتحدث عن الكتاب ويقول: أن الدكتور علي الوردي من الكتاب الذين أحدثوا نقلة كبيرة في كسر الحواجز في المجتمع والتقوقع البشري، والاطلاع على تجارب الغير في منتصف القرن العشرين، وهو له كل التقدير من النقاد والقراء رغم أنه واجهه بعض المتاعب والانتقادات عندما تم طرح كتابه “وغاز السلاطين”، وتم طرح هذا الكتاب رداً على المنتقدين المشككين في كلامه، وهذا الكتاب رائعة في علم الاجتماع لأن الدكتور علي سلط الضوء على بعض الدروس التاريخية التي لها معنى كبير ونظره نقدية ثاقبة في هذا.