ملخص كتاب الطاغية

ملخص كتاب الطاغية

هذا الكتاب لا يشبه غيره من الكتب الأخرى التي تاخذ وقتها ثم تمضي مع الزمن وتنسى، بل يظل حاضراً بيننا ينبض بأسئلته ويعيد طرح قضاياه في وجه واقعنا المتكرر.

فقد كتبه امام عبد الفتاح أمام سنة الف وتسعمئة واربعة وتسعين لكنه يبدو وكأنه كتب بالأمس، وهذا يرجع إلى أن أفكاره تقفز بسهولة الى تفاصيل حياتنا اليوم،  وربما تظل حية لسنوات طويلة قادمة، واليكم ملخص كتاب الطاغية.

تلخص كتاب الطاغية

يتناول الكاتب ما يسميه فلسفة السلطة ويختار توماس هوبز كنقطة انطلاق، والذي يعد في نظره هو أول من قال أن الفوضى هي الحالة الاصلية التي كان يعيش فيها البشر وأن المجتمع المنظم ما هو الا ابتكار حديث.

بذلك يعارض هوبز ومن خلفه امام الفكرة القديمة التي سادت منذ ارسطو، بأن الإنسان مدني بطبعه وأنه يميل بالفطرة الى التعايش السياسي، يميل الكاتب الى تأييد رؤية هوبز.

ويؤكد أن التنظيم القانوني هو ما يحمي المجتمع من الانهيار، وأن هذا التنظيم لا يمكن أن يكون فعال دون سلطة واضحة يخضع لها الجميع، فينشأ بذلك ما يسميه الفقهاء بالتمايز السياسي، حيث يوجد حاكم ومحكوم.

ويشير الكاتب الى ان هذا التمايز له مستويان سياسي، وهو المرتبط بالسلطة والسيطرة على الاقليم واجتماعي، وهو ما يمارس في الأسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية، لكن الكاتب لا يكتفي بالشرح بل يذهب الى التحذير، فهو يرى أن الخلط بين هذه المستويات كثيراً ما يؤدي الى نتائج كارثية عندما تتداخل سلطة الدولة مع السلطة الدينية أو الاجتماعية.

ثم يعرض باختصار النظريات الكبرى التي حاولت تفسير نشاة السلطة السياسية مثل، النظرية الثيوقراطية التي تعطي الحاكم قداسة تجعله فوق النقد والنظرية التعاقدية التي تمهد للديمقراطية من خلال العقد الاجتماعي، كما شرحها لوك وروسو والنظرية التطورية التي ترى أن المجتمع نشأ من تطور الاسرة كما يقول ارسطو.

كل ذلك يقدمه الكاتب من أجل هدف واحد هو الاصلاح وتحديداً اصلاح العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بين الدولة والمجتمع، بين السلطة والحرية، فهو لا يكتب للتنظير المجرد بل من أجل أن يدفع القارئ الى رؤية الخلل والشعور به والعمل على تجاوزه.

يصرح الدكتور إمام في كتابة بفكرة إن جبروت أقسي الطغاة قد يصبح هو الأساس مالم يتلبس بشرعية السلطة، لذلك يشترط أن تقوم السلطة على رضاء المحكومين، ليست على القوة والقهر، لذلك لابد إذآ أن يكون هناك تبرير لهذه السلطة السياسية حتى تتحقق الشرعية.

يجب أن يتمكن الحكام من الاستناد إلى هذه الشرعية المشروعة في ممارسة السلطة، ولابد أيضا أن تكون لها حدود، فإذا كانت السلطة ضرورية لتحقيق أمن وأمان المجتمع فإنه ينبغي بل ويجب لها ألا تبتلع حريات الأفراد.

ثم لا يتردد في توجيه انتقادات صريحة وواضحة للتجربة الاسلامية في الحكم، مؤكدا أن الفساد قد انتشر فيها وأن التقدم لا يمكن ان يتحقق في الوطن العربي ما لم ينشا جيل جديد قادر على التفكير النقدي والتساؤل والانفكاك عن التقاليد الجامدة.

هذه الجرأة في طرح الافكار هى ما جعلت من الكتاب نصا مختلفا، فالكاتب لا يسعى الى التجميل او التلطيف بل يضع افكاره كما هي موجها حديثه الى القارئ مباشرة وكأنه يريد ان يهز قناعاته الثابتة ويدعوه للتامل والمراجعة، فكل سطر في الكتاب كتب بروح نقدية عالية وكل فكرة تهدف الى ايقاظ وعي نائم او تحريك عقل خامد.

في الحقيقة السلطة ليست مجرد قهر مادي فحسب، بل تعتمد على عوامل نفسية، واقتصادية، واجتماعية، وتاريخية، وعندما تتحول إلى نوع من القهر المادي تكشف عن انحراف مرضي ومن هنا يري الكاتب أن الدكتاتورية ليست إلا مرضا من أمراض السلطة، وليست ظاهرة طبيعية.

أوضح لنا إمام في النهاية عدة نظريات تفسر لنا نشأة السلطة السياسية منها، النظرية الثيوقراطية: وهي التي تبرر إطلاق يد الحكام في السلطة باسم ما يعرف بالشخصيته المقدسة.

النظرية التعاقدية، هي التي قام على أساسها النظام الديمقراطي الحديث، وهناك ما يعرف بالنظرية التطورية، وتلك النظرية  قام أرسطو بتفسيرها لتكوين المجتمع من خلال طريق التطور العائلي.

اطلع على: ملخص رواية الغريب اليبر كامو

اقرأ أيضا: ملخص كتاب الأمازيغ قصة شعب

اقرأ أيضا: ملخص كتاب تاريخ الجزائر العام

فصول كتاب الطاغية

يضع الكاتب اسسا واضحة لموقفه من الاستبداد فيقول أن الحكم لا يمكن ان يستقيم ما دام مشتبكا مع مفاهيم مثل الدولة الدينية او المستبد العادل، ويرى ان السياسة يجب أن تنفصل عن الاخلاق لأن لكل مجال من هذين المجالين منطقة الخاص وقواعده المختلفة.

قدم لنا إمام عبد الفتاح إمام رحمة الله عليه كتاب مميز حاول فيه جاهدا رصد ثلاث مفاهيم هامة وهى، السلطة، والحاكم، والقانون، حيث قام بعرض هذه المفاهيم من خلال أربعة أبواب، وهم:

– الباب الأول، والذي يحمل عنوان فلسفة السلطة، ويتحدث الكاتب في هذا الكتاب عن ضرورة السلطة، تأليه الحاكم في الشرق، عائلة الطغيان.

– الباب الثاني، والذي يحمل عنوان صورتان للطاغية في الفلسفة اليونانية، ويتحدث عن الطاغية في صورة الذئب (نظرية أفلاطون)، الطاغية في صورة السيد (أرسطو).

-الباب الثالث، والذي يحمل عنوان الطاغية يرتدي عباءة الدين، ويتحدث فيه الكاتب عن العالم المسيحي (من بداية المسيحية إلى الإصلاح الديني)،العالم الإسلامي.

– الباب الرابع والأخير، بعنوان فرار من الطاغية، ويضم، أوروبا الديمقراطية، الطغيان الشرقي.

هذا الكتاب تم طباعته مرات عديدة، كما تم منعه في عدد من مكتبات الدول العربية، لِمَا يحمله من نظريات علمية وفلسفية تستطيع أن توقظ العقول الخاملة على الحكم الاستبدادي، ولكن السبب الحقيقي وراء منع هذا الكتاب هو عدم وجود وثيقة قادرة على كشف الغمام عن الحقوق الواجبات الممكنة.

نظراً لأهمية هذا الكتاب كان من الضروري تسليط الضوء على فكرة أساسية تعتبر محور الكتاب، وبنيته الأساسية أيضًا، دعونا نبدأ سؤالنا، وهو من أين تأتي السلطة التي يسيء الطاغية استخدامها؟ بالطبع من ضرورة السلطة.

اطلع على: ملخص كتاب قوة التخلي

نبذه عن الكاتب

امام عبد الفتاح امام يعد من ابرز من كتبوا عن الفيلسوف الالماني هيغل باللغة العربية، فقد كرس جزءًا كبيراً من حياته لترجمة مؤلفاته ودراستها.

بدءاً برسالة الماجستير التي حملت عنوان المنهج الجدلي عند هيغل، ثم رسالة الدكتوراه، يعتبر كتاب الطاغية اشهر ما كتب عبد الفتاح امام، وهو ما يستحق ان يكون كذلك لان موضوعه لا يفقد اهميته ابدأ في عصرنا.

 

وفي نهاية هذا المقال لا يمكن أن نغفل الأثر العميق لهذا الكتاب في من يقرأه بوعي مفتوح وقلب مستعد للتغيير، فأمام عبد الفتاح لم يكن مجرد فيلسوف بل كان مثقفا ملتزماً يرى في الفلسفة وسيلة لتحرير العقل لا لتجميله، واداة لمواجهة الطغيان لا للاختباء منه.

اختار موضوعاً شديد الحساسية وواجهه بشجاعة فكرية نادرة فاستحق أن يبقى صوته مسموعا رغم، مضي السنوات على رحيله، قرآءة هذا الكتاب اليوم ليست فقط متعة فكرية بل ضرورة لفهم الواقع والتصالح مع الحقيقة والاستعداد لصناعة غد مختلف.

 

هند على

هند على صانع محتوى لديه شغف كبير بالقراءة والاطلاع على الكتب القيمة ومن ثم تلخيصها بشكل متقن وبأسلوب بسيط وقوى حتى يسهل على القارئ الوصول إلى المعلومة، أملك خبرة ٧ سنوات في الكتابة والتحرير  وتلخيص الكتب ولكن مازلت اتطلع إلى المزيد  من الخبرة في صناعة المحتوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك * تعني إلزامي

Scroll to Top