قد تتغير العصور وتزدهر الحضارات ثم تنهار لتظهر حضارات جديدة، وقد يبدو للوهلة الأولى أن العصور مختلفة، لكن عند التدقيق نكتشف أن صفات البشر لا تزال كما هي وأن الصراع بين الخير والشر لم ينتهِ بل هو مستمر بلا توقف، وما زلنا نعاني من أمراض القلوب التي تعتبر أشد فتكًا من الأمراض الجسدية لأنها قادرة على تدمير أمم بأكملها، ومن الصعب العثور على أفضل من العلامة ابن القيم الذي وصف العلاج منذ قرون، ولا تزال وصفته نافعة حتى اليوم، لذلك سوف نأخذ تلك الوصفة كاملة من خلال تقديم ملخص كتاب الداء والدواء لابن القيم.
ملخص كتاب الداء والدواء
من الجدير بالذكر أن ملخص كتاب الداء والدواء يحمل عنواناً آخر هو (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ولكنه طبع عدة مرات بعنوان (الداء والدواء)، كان هدف الكاتب ابن القيم الجوزية -رحمه الله- هو إصلاح النفس البشرية وحمايتها قدر الإمكان من المعاصي والذنوب.
لذا قام برحلة استكشافية في أعماق النفوس، حيث تناول المعاصي التي أشار إليها بالداء والمرض وشرح أسباب ارتكابها، بالإضافة إلى الآثار السلبية التي تترتب على الفرد والمجتمع، ثم بين العلاج والحل الأنسب للشفاء من هذه الآثام مستعيناً بما ورد في القرآن والسنة، وبشكل عام يمكن تقسيم هذا الكتاب إلى خمسة أقسام رئيسة بناءً على الموضوعات التي تم تناولها، وفيما يلي ملخص موجز لها:
الباب الأول
تحدث الإمام ابن القيم في هذا السياق عن أن لكل مرض دواء وأن الجهل يعتبر مرضاً وشفاؤه يكمن في السؤال، كما أشار إلى أن القرآن كله شفاء وتناول موضوع التداوي بسورة الفاتحة، وناقش أسباب عدم الشفاء وأكد على أن الدعاء من أنفع الأدوية وتطرق إلى أهمية الإلحاح في الدعاء وذكر العوامل التي تمنع تأثيره، بالإضافة إلى شروط قبول الدعاء.
تحدث عن الأدعية التي يرجى قبولها وكيف يمكن أن يستجاب الدعاء تبعاً للظروف المحيطة به وليس لمجرد صياغته، كما أشار إلى أن الدعاء يشبه السلاح، حيث يعتمد فعاليته على المستخدم وليس على حده فقط، إلى جانب ذلك تناول الدعاء بوصفه من أقوى الأسباب وذكر أهمية رضا الرب في الطلب وطاعته، إضافة إلى موضوع ترتيب الجزاء وفقاً للأفعال.
إقرأ ايضا: ملخص كتاب تاريخ الفقهاء
الباب الثاني
تناول هذا الباب من كتاب الداء والدواء الحذر من الوقوع في فخ مغالطة النفس من خلال الاعتماد على رحمة الله وعفوه، كما ناقش كيف أن حسن الظن بالله يجب أن يترافق مع طاعته وأن حسن الظن بالله يرتبط أيضاً بحسن العمل، بالإضافة إلى ذلك تحدث عن الأحاديث والآثار التي تهدف إلى تحذير الجهال والعصاة الذين يظنون أن رحمة الله تكفيهم وعن كيفية اغترار بعضهم بنعم الله عليهم في الدنيا.
تحدث كذلك عن أكثر الناس غروراً وهم الذين ينحرفون بدافع من الدنيا ومغرياتها، وبين أسباب تأخر العمل رغم الإيمان الكامل بالوعد وتطرق إلى الفرق بين حسن الظن والغرور وتحدث عن متطلبات الأمل وخصائص كل من الأمل والخوف، بالإضافة إلى الوصول إلى أقصى درجات الإحسان مع أقصى درجات الخوف.
تحدث أيضاً عن مخاوف الصحابة تجاه النفاق وتطرق إلى الحاجة للعودة إلى ذكر العلاج للداء، مشيراً إلى أن كل شر وبلاء في الدنيا والآخرة ناتج عن الذنوب، كما استعرض أنواع العقوبات التي تصيب الأفراد والأمم في الدنيا نتيجة ممارستهم للمعاصي وناقش تأثيرات الذنوب على العبد في دينه ودنياه وآخرته، بالإضافة إلى ما يعانيه العاصي من فقدان العلم وحرمان الرزق والشعور بالوحشة في قلبه.
إقرأ ايضا: ملخص كتاب الرحيق المختوم
الباب الثالث
تحدث ابن القيم الجوزية في هذا الباب عن قصر العمر، وأشار إلى أن المعاصي تضعف إرادة القلب وتزيل منه كل ما هو جميل، كما تناول الأضرار التي يمكن أن تلحق بالناس الآخرين نتيجة معاصي العبد واستمر في توضيح آثار المعاصي على مختلف الأصعدة، وذكر أنها قد تؤدي إلى إخراج العبد من دائرة الإحسان والمحسنين.
ذكر كذلك أن الذنوب تضعف من مسار القلب نحو الله والآخرة وتزيل النعم وتجلب العقوبات، كما أنها تسبب الرعب والخوف في قلب العاصي وتحدث فيه إحساساً كبيراً بالوحشة.
الباب الرابع
علاج داء العشق ذكر ابن القيم الجوزية في هذا الجزء أنّ العشق قد يصبح داءًا خطير يودي بصاحبه إلى المهالك والشرور، كما تطرق إلى إلى مفاسده الدينية والدنيوية، وبعد ذلك تطرق إلى كيفية علاج هذا الداء والطرق التي يمكن اتباعها لتجنبه، ودعا إلى كثرة اللجوء والتضرع إلى الله تعالى لكي يصرف هذا الداء عن المؤمن.
الباب الخامس
إيراد الخصم بذكر فوائد العشق، ذكر فيه المؤلف منافع العشق وبعض قصص العشاق، وبين أنّ حكم العشق يتبيّن بذكر متعلقه، حيث يمكن أن يكون جائزًا ويمكن أيضا أن يكون حرامًا، وأكّد على أنّ أسمى محبة وعشق هي حب الله سبحانه وتعالى.
إقرأ ايضا: ملخص كتاب أصول البحث العلمي ومناهجه
تعريف موجز بالإمام ابن قيم الجوزية
هو الإمام العالم الرباني ذو الذكاء اللامع والقلم السلس والمصنفات المتميزة، شمس الدين أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي المعروف باسم ابن قيم الجوزية.
ولد الإمام ابن القيم في السابع من شهر صفر عام 691 هـ، في قرية زرع التي تقع في منطقة حوران والتي تبعد حوالي خمسين ميلاً عن مدينة دمشق.
إقرأ ايضا: ملخص كتاب مفتاح العلوم للسكاكي
اقتباسات من هذا الكتاب
فيما يلي سنتعرف على أهم وأبرز المقتطفات التي جاءت في هذا الكتاب:
- ما يبدو لك صغيراً من الذنب قد يكون كبيراً عند الله والعكس صحيح.
- ما كرب نبي إلا استغاث بالتسبيح.
- ما يعرف الأعداء عنه ليس أكثر مما يعرف الجاهل عن نفسه.
- احتفظ بهذه اللحظات الأربع والأفكار والكلمات والخطوات.
- ينبغي على عبد القيام بحماية هذه الأربعة والرباط عند نقاط ضعفها، حيث يمكن للعدو التسلل من خلالها والاقتحام داخل الديار.
إقرأ ايضا: ملخص كتاب أسعد إمرأة في العالم
اسئلة شائعة
ما سبب تأليف كتاب الداء؟
سبب تأليف هذا الكتاب هو السؤال الذي وجه إلى ابن القيم، ويتعلق بموقف العلماء الأجلاء أئمة الدين رضي الله عنهم، من رجل مبتلى بمحنة يعلم أنها إذا استمرت ستؤثر سلباً على دنياه وآخرته، وقد حاول بجهد دفعها عن نفسه بطرق مختلفة لكنها لم تزداد إلا اشتعالاً وشدة، فما الوسيلة لدفعها؟ وما السبيل لكشفها؟ رحم الله من ساند المبتلى، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، أفيدونا مأجورين رحمكم الله تعالى.
من هو مؤلف كتاب الداء والدواء؟
المؤلف هو ابن القيم الجوزية واسمه الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الأصل ولد عام 691 هجري، لكن لم يتم تحديد مكان ولادته وتذكر المصادر أنه ينسب إلى الزرعي ثم إلى الدمشقي، توفي عام 751 هجري وكان عمره حينها 60 سنة
في النهاية، يمكن الإشارة إلى أن ملخص كتاب الداء والدواء يوفر مجموعة من المفاهيم الهامة التي يمكن استخدامها في حياتنا اليومية لتعزيز صحتنا النفسية والروحية، من خلال الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية والتحلي بالصبر وممارسة الذكر والدعاء، يمكننا الوصول إلى توازن أفضل في حياتنا وتعزيز رفاهيتنا الشاملة.
هند على صانع محتوى لديه شغف كبير بالقراءة والاطلاع على الكتب القيمة ومن ثم تلخيصها بشكل متقن وبأسلوب بسيط وقوى حتى يسهل على القارئ الوصول إلى المعلومة، أملك خبرة ٧ سنوات في الكتابة والتحرير وتلخيص الكتب ولكن مازلت اتطلع إلى المزيد من الخبرة في صناعة المحتوى.