ملخص كتاب الإقناع في مسائل الإجماع
يعد ملخص كتاب الإقناع في مسائل الإجماع “للإمام الحافظ أبي الحسن بن القطان الفاسي” المُتوفى عام 628 ه، أحد أشهر المؤلفات الأصولية في الفقه الإسلامي، حيث أن المُؤلف ركز من خلال كتابه الإقناع؛ على مسائل الإجماع؛ التي اتفقت عليها كلمة علماء المسلمين.
وذلك فإن الأدلة الشرعية المأخوذ بها في الشريعة الإسلامية؛ تعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية ومن ثم أساسان قويان وهما الإجماع والقياس، فتعريف الإجماع كما استطردنا في الحديث هو اجتماع كلمة علماء الأمة على حكم شرعي معين في زمن من العصور.
فيأتي مُؤلف الإمام الحافظ ليوضح لنا أهمية التراث الفقهي وما يستنبطه العلماء من أدلة شرعية قائمة على القرآن والسنة، فيوضح في كتابه تعريف الإجماع وأنواعه، والشروط التي يتحقق بها، والأدلة الشرعية من القران والسنه التي تبرهن على حجيته، بالإضافة إلى بعض المسائل المجمع عليها والخلاف بين آراء العلماء، إلى جانب ذكره لأهمية الإجماع بإعتباروه وجهًا مهمًا من وجوه الاستدلال.
كتاب تنمية ذاتية:- ملخص كتاب الإقناع فن التأثير على الآخرين.
تعريف الإجماع وأنواعه
يُعرف الإجماع في مُؤلف الإمام الحافظ باللغةِ والاصطلاح، فتعريفة في اللغة: يعني الاتفاق، وفي الاصطلاح: بمعنى اتفاق جميع مجتهدي أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على حكم معين في عصر من العصور.
ولا يحق لأي أحد أن يُوصف بأنه مجتهد من غير أن يحقق صفة الاجتهاد، كما هو الحال في علماء المسلمين؛ فإنهم يعدوا أهل اجتهاد لأنهم اغترفوا من منابع القرآن والسنة حتى فقهوا وعرفواؤ، فهؤلاء بمن يحق لهم الاجتهاد ويوصف تَجمع كلمتهم واتفاقهم على حكم معين بمفهوم “الإجماع”.
فمن خلال كتاب الإقناع يبين لنا المُؤلف أن الإجماع ينقسم إلى أقسام عدة باعتبار أنواعه وهي:-
الإجماع الصريح.
تعريفه هو إجتماع جميع العلماء المجتهدين على حكم شرعي معين بمبدأ الاتفاق، واتفاقهم يكون بالقول والفعل والعمل، كمثل اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم على وجوب أداء فريضة الزكاة.
الإجماع السكوتي.
وهو إجماع بعض المجتهدين على حكم شرعي معين، وسكوت البعض الآخر عنهم بمعنى الموافقة؛ مع استطاعتهم المعارضة ويكون موقفهم ذلك من الصمت موقفًا ضمنيًا بمعنى الاتفاق، كمثل سكوت بعض الصحابة عن اجتهاد الخلفاء الراشدين.
الإجماع القولي.
وتعرفه هو إجماع علماء المسلمين على حكم شرعي معين في زمن ما بالقول فقط لا بالفعل كمثل حكم تحريم الربا.
الإجماع الفعلي.
وهو اجتماع المجتهدين على حكم فعل شيء معين، من خلال أفعالهم كمثل اجتماع الصحابة على ضرورة جمع القرآن الكريم في مصحف واحد.
الإجماع الضمني.
وهو أن يجتمع علماء الأمة على حكم فعل أمر معين، وذلك من خلال تصرفاتهم أو أفعالهم، من غير صدور فتوى أو تصريح مباشر.
مقال متعلق:- ملخص كتاب اختلاف الفقهاء.
الشروط التي يتحقق بها الإجماع بالادله الشرعية من القرآن والسنه
تعد الشروط التي يتحقق بها الإجماع كثيرة لأن الإجماع يعد من مصادر التشريع المستنبطة من القرآن والسنة، من أهم شروط الإجماع هي:-
- اتفاق علماء الأمة المجتهدين.
فإن الإجماع لا يتحقق إذا اختُلف بين العلماء؛ حتى لو كان الاختلاف في واحد أو اثنين فقط؛ فالإجماع يُراعي عنصر الاتفاق، لقوله تعالى”وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مِصِيرًا” [النساء: 115].
فمعنى اتباع سبيل المؤمنين اتباع ما اتفقوا وأجمعوا عليه، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة [رواه الترمذي وصححه الألباني]، وهذا فإن دل فانه يدل على عصمة الأمة من الضلالة إذا اجتمعت.
- أن يكون اجتماعهم على حكم شرعي.
فلا يكون اجتماعهم على أمر عقلي، فيجب أن يكون اجتماعهم على دليل شرعي من القران والسنة وبهذا يحصل الإجماع، لقوله تعالى” فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ”* [النساء: 59]، فيكون اجتماعهم بذلك دليل حجية على الحكم.
- أن يكون الإجماع منسوبًا إلى الأدلة الشرعية.
فيجب أن يكون تجمع هؤلاء العلماء على دليل من القرآن والسنة، لأن الإجماع لا يكون إلا بأخذ من بالقرآن والسنة، فقوله تعالى “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ”** [البقرة: 143] يدل على أن تجمع الأمة وشهادتهم بالحق تكون مقبولة عند الله، إذا انتسبت أقوالهم إلى القرآن الكريم والسنة النبوية .
- أن يكون الإجماع بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
لأن الأمة كانت في ذلك الوقت تَرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حينما يُشكل عليها فهم أمر معين، فيأخذون منه القول والفعل والتقرير، وهذا التعريف يؤخذ من مفهوم الإجماع عمومًا.
- ألا يكون قد سبق الإجماع خلافًا.
لأن الإجماع لا يدرأ ما كان قبله من خلاف، فيجب أن يكون الإجماع معقود في المسائل المتفقة بين العلماء، ولا يحدث الإجماع أبدًا والمسألة مختلف فيها.
- أن يكون الإجماع والمسألة في عصر واحد.
ولا يجب بذلك أن تكون المسألة قد سبقت عصر الإجماع أو انقرضت عنه، بل تأتي المسألة موافقة مع زمن والإجماع حتى يُتحقق من مسألة الرؤية والتقرير.
فالأدلة الشرعية على حجية الإجماع في ذلك معروفة، ومنها:-
الدليل مع القرآن الكريم:-
- قوله تعالى: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ”[البقرة: 143]
- قوله تعالى: “وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مِصِيرًا”[النساء: 115].
الدليل من السنة المشرفة:-
- حديث: “يد الله مع الجماعة” [رواه الترمذي]، الذي يؤكد على أهمية اتباع الجماعة وما أجمعوا عليه من أحكام.
- حديث: “لا تجتمع أمتي على ضلالة” [رواه الترمذي وصححه الألباني]، وهذا الدليل الهام يدل على عصمة الله للأمة عند اجتماعها.
أقرأ لتزداد علمًا:ملخص كتاب الاستثنائيون.
المسائل المجمع عليها والخلاف بين آراء العلماء
يعد الإجماع من الأدلة الواضحه على الفقه، وتُعصم الأمة باجتماع خيارها من علماء المسلمين، ومن أمثلة الأدلة على الإجماع هي:-
الأدلة في العقيدة الإسلامية.
على وجوب الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وحرمة الشرك.
الأدلة في الفقه.
فقد اجتمع العلماء على وجوب الصلاة والصيام والزكاة وحرمة السرقة والقتل.
ومن أمثلة المسائل الخلافية بين العلماء ما يلي:-
في تفاصيل العبادات.
كمثل الصلاة وكيفية أدائها والسنن والرواتب.
في تفاصيل المعاملات.
كأحكام الخيار والبيوع والايجار.
كتاب يخص الإدارة:- ملخص كتاب قواعد الإدارة.
أهمية الإجماع واعتباره وجه من وجوه الاستدلال
يعتبر الإجماع أحد مصادر التشريع الذي يخرج الناس من ضيق الاختلاف إلى سعة الإتفاق، فهو يحفظ الأمة من الخوض في البدعة والضلال، فتعد من أهميته:-
- حفظ أصول الدين من التحريف والبدع.
- تعزيز اليقين بالدين الإسلامي.
- الإجماع يعد تكريمًا من الله سبحانه وتعالى لأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنها الأمة الوحيدة التي اختارها الله للصواب في الإجماع.
- الاستناد إلى دليل شرعي فاجتماع العلماء لابد أن يكون وراءه دليل شرعي يعتمدون عليه في الحكم.
الإجماع يعد وجهًا مهمًا من وجوه الاستدلال، فهو يأتي في المرتبة الثالثة في التشريع بعد القرآن والسنة، فهو يعتبر دليلاً قويا يؤخذ به في حين لم يوجد دليل صريح من القرآن والسنة.
مقال قد يهمك:- ملخص كتاب صناعة الذات.
ختامًا، يجدر بنا القول أن ملخص كتاب الإقناع في مسائل الإجماع “لابن القطان” يعد موسوعه شامله للفقه الإسلامي، حيث أنه أزال الغبار عن واقع الإجماع، وبرهن للمشككين بالأدلة القطعية التي تفتح العقول وترسخ اليقين باعتبار الإجماع واحدا من مصادر التشريع التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلم.
كتاب ذا مغزى:- ملخص كتاب حرب العقول.