المؤلف الحقيقي لكتاب الصداقة والصديق هو الفيلسوف والأديب أبو حيان التوحيدي اسمه الكامل علي بن محمد العباس التوحيدي وهو من أعلام النثر العربي.
في القرن الرابع الهجري كتب المؤلف عن النفس والناس والحياة، رغم أنه أحرق عدداً من مؤلفاته إلا أن ما بقي منها أثار إعجاب المفكرين والقراء حتى اليوم، وقد ذكر ياقوت الحموي أن له سبعة عشر كتاباً انتشرت في البلاد العربية، والان دعونا نقدم لكم ملخص كتاب الصداقة والصديق.
تلخيص كتاب الصداقة والصديق
الكتاب لا يقدم فقط آراءً نظرية بل يرصد التوحيدي فيه مشاهد حقيقية من حياته، يتحدث عن شخصيات عرفها عن مواقف شهدها وعن طبقات المجتمع التي تعامل معها من الملوك حتى البسطاء، حيث يقول عن الملوك إنهم لا يعرفون الصداقة لأنهم يعيشون وفق القهر والسيطرة ولا يوفون بعهودهم.
وصف التجار
ويصف التجار بأن المال أفسد فيهم المروءة، وأما أهل الورع والدين فيراهم أقرب الناس إلى الصداقة الحقيقية بسبب تقواهم وصفاء قلوبهم، وكذلك يرى أن العلماء والأدباء يمكن أن تكون لهم صداقات جميلة إذا سلموا من الحسد والتنافس.
يلاحظ القارئ في الكتاب وجود نفس فلسفي وأخلاقي واضح يظهر في حديث التوحيدي عن الأخلاق والفضائل وعن العلاقة بين النفس والأفلاك، وأيضاً عن إيمانه بأن الإنسان هو صانع أقداره، وأن الصداقة لا تنمو إلا إذا توافرت ظروف معينة تجعلها ممكنة ومستقرة.
اقرأ أيضا: ملخص كتاب الثقافة العربية للعقاد
الصداقة
في فصل مؤثر من الكتاب يذكر التوحيدي قصة صداقة نادرة بين محمد بن طاهر السجستاني والقاضي ابن سيار، يرى فيها نموذجاً للصداقة المثالية، فقد كان كل واحد منهما متميزاً في علمه وأخلاقه رغم اختلاف المهنة والطباع لكن ما جمع بينهما كان أعمق من المصالح كان ارتباطاً نفسياً وعقلياً وروحياً.
ويرى التوحيدي أن الصداقة لا تقوم إلا على أسس أربعة هي التوافق النفسي والتفاهم العقلي والتآلف الأخلاقي والميل الطبيعي، وإذا اجتمعت هذه العناصر نشأت الثقة المتبادلة التي تصنع الطمأنينة وتجعل العلاقة قوية لا تهزها الأيام ولا تغيرها الظروف
ولهذا قال قوله الجميلة الصديق هو أنت إلا أنه بالشخص غيرك، ومن خلال كتاب «الصداقة والصديق» نفهم أن الصداقة ليست مجرد تواصل اجتماعي بل هي بناء داخلي معقد يتطلب صدقاً وعمقاً وتضحية، وأن الإنسان الذي يجد صديقاً حقيقياً يكون قد عثر على كنز نادر ومصدر أمان دائم وهكذا يقدم لنا أبو حيان التوحيدي درساً بليغاً في معنى الصداقة، كما عاشه وتأمله وكتبه بكل ما فيه من صدق وألم وأمل.
اقرأ أيضا: ملخص كتاب تاريخ الجزائر العام
القضايا الفلسفية والأخلاقية
يناقش الكتاب بعض القضايا الفلسفية والأخلاقية الهامة التي كانت تشغل عدد كبير من المفكرين والعلماء في ذالك العصر، كإيمان الناس بالطوالع والنجوم وربط جميع أعمال الإنسان وأعماله الدنيوية التي تؤثر عليه بحركات الأفلاك، حيث تمثل تلك النزعة الأخلاقية المثالية التي ترتكز على الفضائل النفسية والسلوكية المعاكسة لما يعرف بتيارات الفساد والانحلال، والتي تبنّاها كلا من فرقة المعتزلة والصوفية، وحددها الفيلسوف «الفارابي» في المدينة الفاضلة.
يعتقد الكاتب أن الصداقة هى عاطفة اصطفائية وفضيلة إنسانية لا يستطيع الإنسان تحقيقها في الغالب وهى تشبه أي عاطفة أساسية مرتبطة ارتباط وثيق بصميم الحياة الشعورية، حيث تتفرع عنها جملة من الفصائل السلوكية والخليفة تحقق لها البقاء والنماء كالعشرة والمؤاخاة والألفية.
التوحيدي عمد إلى سرد ظاهرة واقعية شاهدها بنفسه وهي تعتبر في نظره أسمى ما وصلت إليه الصداقة العلمية بين إنسانين بفضائلهما وعلمهما وصفائهما الخلقي والنفسي، استطاع الكاتب في كتابه هذا استخلاص عناصر الصداقة المثالية على مابين الصديقين من فوارق المشاغل العقلية والمهنة وايضا الاختصاص والمنشأ وهما «محمد بن طاهر السجستاني والقاضي ابن سيّار».
وبعد ما توصلنا الية من معاني جميلة في هذا الكتاب، أن الصداقة تقوم على شروط، مثل ممازجة نفسية وصداقة عقلية ومساعدة طبيعية ومؤاتاة خلقية، حتى إذا ما اتحدت جميع هذه العناصر الأربعة تحققت الثقة المتبادلة التي تخلق بدورها طمأنينة وسكونا لا يضعفان ولا يحولان.
حديث الصديق حسب تعبير أبي حيان حلو وممتع، وأفضله ما صدر عن رجل ذي حساسية مرضية طلعة، همه الاتصال بالناس ومشاركتهم عاطفياً وفكرياً، حيث كان يجد الكاتب في عشرة الناس سلوى وتعويضاً عما لحقه من وهن وخذلان في حياته العملية.
أراد الكاتب تفريغ المخزون العاطفي الذي لازمه، حيث قال إن في حديث الصداقة شفاء للصدر، وتخفيفاً من البرحاء، وانجياباً للحرقة، واطراداً للغيظ، وبرداً للغليل، وتعليلاً للنفس).
اقرأ أيضا: ملخص كتاب الجزائر في عهد رياس البحر
نبذه عن الكاتب
ولد أبو حيان في بغداد سنة ثلاثمئة وعشر للهجرة ونشأ في أسرة فقيرة كان والده يبيع نوعاً من التمر يطلق عليه “التوحيد”، ولهذا السبب حملت الأسرة هذا الاسم منذ الصغر.
عرف أبو حيان حياة الشدة والحرمان ولكن هذه الظروف لم تمنعه من طلب العلم والانفتاح على الفلسفة والصوفية وعلم الكلام والنحو والفقه حتى أصبح مرجعاً في هذه العلوم ومقرباً من كبار علماء عصره.
اقرأ أيضا: ملخص كتاب تاريخ الجزائر العام
أما كتابه الصداقة والصديق فهو واحد من أبرز ما كتب في موضوع العلاقات الإنسانية، تحدث فيه عن معنى الصداقة وعن طبيعتها وشروطها وعن الناس الذين يمكن أن تكون لهم صديق حقيقي.
تأثر التوحيدي في كتابه هذا بتجربته الشخصية في الحياة فقد عاش مهمشاً عانى من الإقصاء والعزلة وظلم المقربين، ومع ذلك كان يؤمن بأن الصداقة باب للنجاة وأنها ضرورة نفسية واجتماعية.
اقرأ أيضا: ملخص كتاب الأمازيغ قصة شعب
اقتباسات
بعد معرفة ملخص كتاب الصداقة والصديق اليك أجمل من جاء في هذا الكتاب على لسان الكاتب ما يلي:
- الصديق ، ثم الطريق ! هكذا تكلم الإمام علي (عليه السلام)، فمن دون الأصدقاء كيف يستطيع المرء أن يجتاز العقبات في هذه الحياة ؟، وكيف ينجح انسان، لم يكوّن لنفسه بعد شبكة من العلاقات الاجتماعية، تعينه في تحقيق أهدافه، وتساعده في حل مشاكله؟
- بحق أقول لكم: “لن يكون نجاح بغير صداقات، ولن تكون صداقات بغير فن العلاقات ولن تكون علاقات بغير حب، وهل الدين إلا الحب” كما يقول الحديث الشريف، وكيف يمكن للحب أن ينمو، خارج المجتمع وبعيداً عن عباد الله؟
- ألا يقول الحديث الشريف: ” لا يقدم المؤمن على الله بعمل يوم القيامة بعد الفرائض أحب إلى الله من أن يسع الناس بخلقه” !
اقرأ أيضا: ملخص كتاب الأمازيغ قصة شعب
ختاما
في ختام هذا التأمل في كتاب الصداقة والصديق ندرك أن ما كتبه أبو حيان التوحيدي لم يكن مجرد وصف نظري لعلاقة إنسانية بل كان انعكاساً لتجربة عاشها بكل تفاصيلها وصراعاتها وآمالها.
لقد وضع لنا بصدق عميق صورة الصديق الحقيقي، كما تشكلت في قلبه وعقله ورأى فيها ملاذاً من قسوة الحياة ودليلاً على أن الإنسان لا يكتمل إلا بالآخر، وأن الصداقة إذا قامت على صفاء النفس ونبل الروح فهي من أعظم ما يمكن أن يحظى به المرء في حياته
هند على صانع محتوى لديه شغف كبير بالقراءة والاطلاع على الكتب القيمة ومن ثم تلخيصها بشكل متقن وبأسلوب بسيط وقوى حتى يسهل على القارئ الوصول إلى المعلومة، أملك خبرة ٧ سنوات في الكتابة والتحرير وتلخيص الكتب ولكن مازلت اتطلع إلى المزيد من الخبرة في صناعة المحتوى.
